تقارير

في يوم التأسيس المستحدث.. أعضاء حزب التجمع يتحدثون لـ"صوت الناس" عن تمنياتهم لدولتهم

تاريخ النشر:2024-02-22

بينما تحتفل السلطات السعودية بيوم التأسيس الذي أقره الملك سلمان بن عبدالعزيز في يناير/كانون الثاني 2022، باعتبار 22 فبراير/شباط من كل عام يوم للتأسيس، وتحشد له إعلامياً وفنياً، تحدث أعضاء حزب التجمع الوطني عن رؤيتهم لليوم، وحقيقة أهداف السلطات من اعتماده، كاشفين عن تطلعاتهم للدولة السعودية التي يتمنون أن يروها.

"يوم التأسيس " استحدثته السلطات السعودية الحالية وجعلته اجازة رسمية، للاحتفال بما تزعم أنه ذكرى تأسيس الدولة السعودية الأولى عام 1727 على يد محمد بن سعود، وعاصمتها الدرعية، مروراً بحكم الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود في الدولة الثانية 1818، ثم تأسيس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود عام 1902 الدولة الثالثة.

وذلك بخلاف الثابت تاريخياً أن عائلة آل سعود اكتسبت شرعية الحكم من التحالف الذي أقامه أمير الدرعية بن سعود مع الشيخ محمد بن عبد الوهاب عام 1745، والذي سمي بميثاق الدرعية، وكان يهدف لتحقيق تحالف لمحاربة الكفر والشرك في شبه الجزيرة العربية، ونص على الدعم السياسي للشيخ في دعوته الدينية مقابل انضواء مشروعه تحت سلطة الدولة السعودية.


وفي حديث أعضاء حزب التجمع مع "صوت الناس"، أكدوا أن غرض الملك سلمان ونجله محمد بن سلمان من استحداث يوم التأسيس هو الانفكاك عن الوهابية التي كانت أساس الشرعية السعودية وبراءة منها، وصناعة تاريخ مزيف للعائلة المالكة والعبث بالتاريخ وتبديل مساره وتشويه الذاكرة الوطنية.

وسخروا من الأهداف التي أعلنتها السلطة ليوم التأسيس، ومنها الاعتزاز بجذور الدولة، والارتباط الوثيق بين المواطنين وقادتهم، وبما أرست من وحدة واستقرار وأمن، وصمود للدولة السعودية الأولى أمام الأعداء، مؤكدين أن هذه الأهداف لم تكن محققة في السابق بدليل سقوط الدولة السعودية الأولى في 1818، ولم تعد محققة اليوم في ظل حكم سلمان ونجله.

وأعرب أعضاء الحزب عن أملهم في أن تتأسس دولة سعودية مؤسسية تحترم حقوق الإنسان وآدميته وتسمح له بالمشاركة في صنع القرار ويكون لها دستور وقانون ومؤسسات تحمي حقوقه وتمكنه من التعبير عن رأيه، مستنكرين اتجاه السلطة لفرض الأمر الواقع وإلهاءه الشعب بالاحتفالات والفعاليات لإبعاده عن تدبر تاريخ البلاد.

مواطنة بالطاغية
الأمين العام للحزب الدكتور عبدالله العودة، أوضح أن فكرة يوم التأسيس هي محاولة تخليص الدولة من الدين وارتباط محمد بن سعود بمحمد بن عبد الوهاب، مؤكداً أن هذا سيرتد بشكل كبير على فكرة الدولة وتأسيسها وحدودها، لأن الدولة الحديثة إما أن تقوم على أساس شعبي مرتبط بقيم وثقافات البلاد، وهذا شيء نفته الدولة بيوم التأسيس، أو أن تقوم على مسار شعبي اختياري.

وقال إن المسار الشعبي الاختياري يكون عن طريق البرلمانات والدساتير المستفتى عليها شعبياً، والتوافقات الشعبية، وهذا أيضا لم تحققه الدولة السعودية إلى هذه اللحظة، مضيفا أن محمد بن سعود منذ أن أسس الدولة السعودية الأولى والإمارة الأولى كان لها وضع مختلف تماماً عن الآن وارتباطه بمحمد عبدالوهاب حاول أن يكون "العصبية".

"العصبية" بحسب ابن خلدون هي الالتحام بين أبناء نسب واحد، ومؤدّاه التضامن فيما بينهم، مدافعةً للخطر، ومطالبةً للملك. وهي ليست مقصورة على القرابة، بل تنطبق أيضاً على الالتحام الناتج عن الولاء والتحالف والعشرة والصحبة بين أشخاص معيّنين، بما يؤدّي أيضاً إلى تأسيس ملك. ودينامية الانتقال من العصبية إلى الملك، هي الصراع الدائم بين البدو والحضر.

وأكد العودة، أن محمد بن سلمان ألغى هذه العصبية التاريخية بإعلان يوم التأسيس، وفي نفس الوقت لم يستبدلها بالعصبية الوطنية المرتبطة بمفهوم المواطن، وأراد أن يخلق مفهوم مواطنة بالطاغية والفرد الواحد، محذراً من أن هذا الأمر قد ينجح لفترة زمنية، لكنه في العصر الحديث آيل للزوال والسقوط.

وقال إن زعم السلطة أن يوم التأسيس يهدف إلى الاعتزاز بالجذور الراسخة للدولة السعودية، والارتباط الوثيق بين المواطنين وقادتهم، "فارغ من محتواه"، لأنك إن أردت أن تقدم سردية انتقائية تحرف بعض الأجزاء المهمة وتترك الأخرى، فهذه ليست ارتباط بالجذور، وإنما هي "إعادة صياغة للتاريخ المحلي ولتاريخ الدولة السعودية ذاتها".

وعن قول السلطات إن يوم التأسيس يهدف إلى الاعتزاز بصمود الدولة السعودية الأولى والدفاع عنها أمام الأعداء، سخر العودة، قائلا: "نحن نعرف أن الدولتين السعوديتين الأولى والثانية سقطتا على عنصرين الأول خارجي والثاني صراع داخلي"، وبن سلمان هيأ كل العناصر لسقوط الدولة السعودية الثالثة.

وأشار إلى أن بن سلمان استفز كل دول المنطقة بما فيها دول الجوار، وأفسد علاقاته مع تركيا واليمن وإيران ومصر والأردن والإمارات وقطر، وإن حاول إصلاحها مؤخراً، لافتاً إلى وجود عداوات داخلية سواء بين الأفراد أو المجموعات أو القبائل والتيارات الدينية، وكلها لها مظالم مع السلطات السعودية الحالية.

وأضاف العودة: " أما العائلة الحاكمة فهي منشقة على نفسها وغالبية أفرادها يضمرون المقت والكراهية لابن سلمان"، مشدداً: "لا نقول بأن الدولة السعودية ستسقط اليوم أو غداً، ولكن الوضع الحالي يحضر لأن تكون هذه الدولة باقية في المنظور البعيد".

ضمان العرش
وقالت المتحدثة الرسمية باسم الحزب الدكتورة مضاوي الرشيد، إن يوم التأسيس "هو محاولة فاشلة لإعادة كتابة التاريخ بدون أي حقائق هدفها سياسي بحت وهو التخلص من عبء الوهابية لكن مهما حاولتم لم يكن هناك دولة سعودية دون الوهابية وتاريخ الجزيرة العربية يشهد على ما أقول".

وأضافت في تغريدة على حسابها بمنصة x، شاركتها على وسم #يوم_التأسيس: "ممكن أن تلغي الوهابية كدين الدولة وممكن أن تتلاعب بتاريخ التأسيس، لكنك لن تقنع المؤرخين أن هناك دولة سعودية قبل الوهابية."

وتهكمت على تغريدة لوكالة الأنباء السعودية تزعم أن مؤسس الدولة السعودية بن سعود كان مستقلا سياسيا ولم يكن خاضعا لأي قوة، وتساءلت: "من هي القوة التي كانت مسيطرة على جزيرة العرب حينها؟"، قائلة: "ترى ما حد درى عنكم إلا عندما بدأتم حلفكم مع الوهابية".
وأكدت أن آل سعود تبنوا الوهابية ومن ثم خلصوا شعب الجزيرة العربية منها فأضاعوا أكثر من قرنين على تضليل شعب الجزيرة، والآن يريدون أن يغسلوا أثرها بمضادات الرقص والرياضة والترفيه، يوم مطاوعة ويوم راقصين واختاروا ماذا يفعلون بشعب الجزيرة العربية ليضمنوا عرشهم - فقط بالتطرف على اليمين واليسار يضمنون العرش-.

وتابعت: "بعد أن كفروا بالجملة والمفرق وقتلوا المصلين في المساجد ونشروا خبثهم في بقاع العالم خدمة لمصالح الولايات المتحدة وتسببوا في الحملة على المسلمين في كل مكان تحت ذريعة التطرف اليوم يحتفلون بيومهم المشؤوم يوم التأسيس".

دولة مدنية
وقال العضو المؤسس للحزب يحيى عسيري، إن محمد بن سعود استطاع بناء كيان لأسرته ومملكة على نظام الممالك في عصور الظلام ليس لها علاقة بالدولة الحديثة ولم يستطيع هو وأحفاده بناء دولة مدنية حديثه تبنى على الحقوق والمؤسسات، وهذا ما نطمح إليه، على أن تراعى هذه الدولة حقوق الناس بما فيها الحق في اختيار من يحكم.

وتمنى أن يكون في الدولة المدنية الحديثة تمثيل سياسي ومواطنة، ودولة تبنى على المؤسسات وتكون بها مؤسسات "عسكرية وقضائية وتعليمية وصحية" راسخة قادرة على البقاء، وإحكام حكم القانون دون الاعتماد على شخص ولا أسرة، بل تقوم بذاتها بنظام وقانون صارم.

وأعرب عسيري عن طموحه في أن تتأسس دولة على دستور يفصل العلاقة بين الحاكم والمحكوم الذي يختاره الناس ويثقون فيه ولديهم القدرة على محاسبته، إذا أخطأ، ويستطيعون مراقبة أفعاله حتى لا يضل ولا يفسد بحصانة وبدون أي محاسبة.

وأكد أن هذه الدولة التي يطمح إليها، والتي فشلت الدولة السعودية في تحقيقها، ولذلك انهارت الدولة السعودية الأولى ثم الثانية، مذكراً بأن الصراع بين أفراد الأسرة الحاكمة كان السبب في انهيار الدولة السعودية الثانية.

وحذر عسيري، من أن الدولة السعودية الثالثة مهددة بشكل كبير، قائلا إن ما نطمح إليه هو تعزيز الأمن والأمان لأبناء شعبنا الذين لازالوا منذ ثلاثة قرون وهم يعانون من الاستبداد والظلم وهيمنة سلطات تحكمهم بنظام الممالك القديمة التي لم تعد صالحة ولا مقبولة في هذا العصر، خاصة وأبناء الشعب يقارنون أنفسهم بكل دول العالم وهم يأخذون حقوقهم ويساهمون في إدارة دولهم.

وأضاف: "نحن لسنا أقل من باقي العالم المتقدم الذي نراه متقدم في كل المجالات بسبب حرية الإنسان واستطاعته على المشاركة والمساهمة، بينما نحن لا نزال نتخلف أكثر بسبب الاستبداد وعدم السماح للناس بالمشاركة في الحياة السياسية والمدنية".

عبث بالتاريخ
وقال عضو الحزب عبدالله عمر، إن السعودية لم تعرف مفهوم "الدولة" منذ قيام الحكم السعودي نتيجة التحالف السياسي والديني بين بن سعود و عبدالوهاب، ولا تزال تعيش تبعات هذا التحالف رغم ما يبدو من تفكك له في السنوات الماضية.

وأضاف أن هذا التحالف فشل منذ قيامه وسيطرته على مناطق محدودة وفي فترات متقطعة -بعكس ما يروجه النظام الحالي وكأن الحكم السعودي عاش فترات متتابعة ومتواصلة ومستقرة وكانت الأراضي التي يحكمها اليوم من البداية تحت حكمه-، واصفاً هذه السردية بأنها "عبث سخيف بالتاريخ".

وأكد عمر، أن "هدف النظام الحالي بناء سردية قومية تدور حول الأسرة السعودية بوصفها أساس الوحدة، لكن عودة للتحالف هذا فقد فشل فشلاً واضحا وجلياً في بناء دولة وطنية، على العكس فقد رسخ الانقسامات القبلية والطائفية وعزز الهويات الفرعية، وحتى مع محاولات بن سلمان التخلص من بعض الزامات هذا التحالف اليوم فإن الأسس ما تزال قائمة".

وجزم بأنه لا يمكن بناء هوية وطنية جامعة على مشاريع طائفية اقصائية وتدور حول إقليم نجد ومحاولات فرض هويّاته على بقية المناطق، محذرا من أن هذه إشكالية أخرى ستولد أزمة مستقبلية إذا لم يتم التعامل معها بحكمة وتعقل.

وعن هدف السلطة الحالية من إحياء ما يسمى بيوم التأسيس، قال عمر، إن الهدف هو بناء قومية سعودية جديدة ترتبط ارتباط كلي بآل سعود وتهمش دور من ساهم معهم وبشكل أساسي في قيام حكمهم، والهدف هنا استبعاد شخصية محمد بن عبدالوهاب من السردية التأسيسية للحكم السعودي.

وأضاف أن هذا وإن كان الهدف منه جيد للبلاد من ناحية التخلص من الإرث الوهابي، لكن عملية مثل هذه لا يمكن أن تتم بالعبث بالتاريخ والتزييف السخيف، إنما بمراجعة حقيقية وحوار وطني شامل، للانطلاق لما يمكن أن يكون إعادة بناء للسعودية، دون فوضى وتقسيم وصراع.

وحث عضو الحزب، على ضرورة وجود حوارات وطنية جامعة تستوعب جميع الثقافات والمكونات، ثم تكون هناك مخرجات تعيد بناء الدولة بصورة وطنية حقيقية تمثل كل الشعوب والمناطق الموجودة اليوم تحت الحكم السعودي، حتى تكون الوحدة حقيقية، لا تتأثر بوجود سلطة ما، أو غيابها.

وأكد أن الهدف الأسمى في هذا الطريق، هو قيام نظام ديمقراطي وطني يمثل فيه كل المكونات والتيارات، ويقضي على المركزية الاستبدادية، وتحكم كل منطقة من أهلها بحكم محلي ضمن مبادئ الديمقراطية المحلية المتعارف عليها عالمياً، قائلاً إن "هذا طريق طويل، لكن لا بديل له لإصلاح الخلل العميق والبنيوي في قيام الحكم السعودي".

وأشار عمر، إلى أن اتباع طريقاً غير ذلك سيتسبب في استمرار التشوهات، ولن تكون هناك دولة وطنية، إنما قومية عائلية تخفي باستخدام القمع الشرس، مؤكدا أن محاولات خلق قومية جديدة واستبعاد الوهابية من الرواية التأسيسية للسعودية لن تحل أزمات الهوية والمواطنة العميقة.

ولفت إلى أن أزمات الهوية والمواطنة يخفيها القمع اليوم، "لكن لو انفجرت، دون حلول جذرية ستضر كثيراً بوحدة البلاد مستقبلا"، جازما بأن الحل هو المراجعات والحوارات الوطنية مع الجميع، وإنهاء عقلية الفرض والوصاية، التي تتعامل مع الدولة وكأنها غنيمة حرب، وكأنه لا وجود لأرض يملكها شعب له حقوق وله اختلافات يمكن أن تستثمر للصالح المشترك.

وتمنى أن يرى "عقلية وطنية تريد بناء دولة مواطنة، لا عقلية استبدادية فاشلة تريد فرض هويتها الاقليمية الضيقة ثقافيا وفكريا واجتماعيا وحتى دينيا وتحويلها لهوية قومية جديدة لكل المناطق".

صناعة الوهم 
وأكد عضو الحزب ناصر العربي، أن يوم التأسيس السعودي هو وهم حقيقي وذلك عبر تخيل تاريخي لمشهد لم يحدث، موضحاً أن الجزيرة العربية كانت في عام ١٧٢٧، وما بعده إلى عام ١٩٢٤، كانت تتشكل من إمارات صغيرة، وكل إماره يتزعمها أحد أبنائها، وتتوسع هذه الإمارات في أزمنه وتضيق في أخرى، لكنها قطعاً لا تتمدد خارج نطاقها الذي تنتمي له.

وقال إن يوم التأسيس هو عبقرية صناعة الوهم والكذب والانخراط في دعاية مفرطة لرسم ماضي تخيلي غير حقيقي ولم يحدث، لإعادة تشكيل الحاضر، مضيفا أن بن سلمان يحاول أن يجعل أمنيات الحاضر وأحلامه مرتبطة بمانع المريدي -مؤسس إمارة الدرعية الأولى- الذي لم يُذكر أسمه في كتب المؤرخين المحليين ولا المتخصصين في التاريخ المحلي.

ورأى العربي، أن سلوك بن سلمان في الإعلان عن يوم التأسيس المزعوم والترويج له بهذه الطريقة يعبر عن نقص ثقة، حيث يقول "نحن دولة قديمة جدا"، وهو يعتقد أنه كلما كانت الدولة قديمة أضحت حاضرة، ساخرا بالقول: "هذا فهم عجيب للتاريخ وحركته".

وتابع: "لا ينكر أحد أن توحيد الجزيرة العربية عام ١٩٢٤ إنجاز حقيقي، لكن لم يتواجد عبر تأسيس نظام سياسي قادر على إدارة الدولة، بل تكالبت العائلة الحاكمة على الملك سعود عندما شرع في تأسيس نموذج حقيقي لدولة لها دستور وبرلمان وحكومة تكنوقراطية، وانقلب فيصل وإخوته بدعم الأميركيين على مشاريعه الإصلاحية، وتعززت الملكية والحكم المطلق أكثر فأكثر".

وأكد العربي، أن بن سلمان يريد أهداف مزدوجة من يوم التأسيس، وهي القطيعة مع الدعوة الوهابية، وأن الدولة أقدم من تحالف بن سعود وعبدالوهاب، وبذلك ينفك من سطوة العقد الاجتماعي الديني بينه وبين السلفية بشكل خاص، موضحا أنه يريد تأسيس لحالة من غسيل المخ عبر تكثيف الدعاية البصرية حول الماضي متجاوزاً كل الحقائق التاريخية.

وأوضح أن الدعاية البصرية السياسية تتشكل من نماذج مكثفة من التراث الشعبي المبالغ في تصوره، وهذا المورث من الملبوسات بالتحديد وربطها بالدعاية السياسية تجعل العقل لا يدقق على جوهر المعنى المراد تعزيزه في عقول الجيل الجديد على وجه التحديد، مؤكدا أن هذا التراث الفلكلوري هو "فرايحي وابتهاجي بالمقام الأول واستعراضي كوسيلة لتعزيز المعلومة والفكرة في العقل الجمعي للجيل الجديد".

وقال: "لهذا تقرر الدولة إقامة يوم يُفرغ فيه الناس لأجل الفرجة والمشاركة في صناعة الوهم، وكثير من الناس من تنطلي عليهم أساليب الدعاية السياسية المضللة"، متوقعاً نجاح بن سلمان في صناعة وهم تاريخي جديد، لكن هذا نصر محدود وسوف يتلاشى تأثره أمام تحديدات الواقع الاقتصادي والمهني للجيل الحالي والقادم.

وخلص إلى أن "الفلكور والأهازيج والملبوسات التراثية لن تكون ذات قيمة عندما يجد المواطن أنه يفتقر للوظيفة والعمل والحياة الكريمة".

مخالفة الأهداف 
وعن الأهداف المعلنة ليوم التأسيس الذي اعتمدته السلطة الحالية، كالاعتزاز بالجذور الراسخة للدولة السعودية، والارتباط الوثيق بين المواطنين وقادتهم، قالت عضو الحزب ترف عبدالكريم، إن ذلك الارتباط لا يمكن أن يكون قائماً في ظل القمع الذي يعيشه المواطنين والترهيب من ممارسة حرياتهم البسيطة كحرية الرأي والتعبير.

وأضافت: "لا يمكن أن يكون ثمة ارتباط وثيق بين المواطنين وقادتهم وثمة استعداء للشعب، لأن العلاقة قائمة على الخوف والطاعة بالقوة الجبرية، لا على أساس الاحترام والحقوق والواجبات"، مؤكدا أن الحديث عن الأمن الذي تستهدف السلطة من يوم التأسيس الاعتزاز به متشعب لا نستطيع حصره بأمن الحدود أو الأمن العسكري.

وذكرت عبدالكريم، بأن هناك "أمن فكري وغذائي واقتصادي"، مشيرة إلى أن الأمن الفكري يندرج تحت بند الحقوق، وهو "معدوم"، وكذلك الأمن الاقتصادي والموارد التي يعبث بها شخص واحد دون حسيب أو رقيب "لا شك ستتدهور مع غياب المساءلة".

وأكدت أن "الكيان الذي أسسه بن سعود بالاتفاق مع بن عبدالوهاب، هو أقرب ما يكون بالتحالف السياسي الديني لمحاولة كسب الشرعية السياسية وتثبيت الحكم بطبيعة الحال، وهذا التحالف يلفه إقصاء الشعب منذ البداية".

وعما تروج له السلطة السعودية بشأن الاعتزاز بالوحدة الوطنية، قالت عبدالكريم، إن الاعتزاز بالوحدة الوطنية يكون على أساس المواطنة التي تحتم الإقرار بالحقوق والواجبات لكل من الحاكم والمحكوم، لا بقمعهم عند ممارستهم لأبسط حقوقهم أو بتحريض أبناء الوطن الواحد ضد بعضهم البعض وحثهم على التبليغ حتى على فلذات أكبادهم، مؤكدة أن هذا مخالف لما يهدف إليه يوم التأسيس.

وتمنت أن ترى مسار لتأسيس البلاد يحترم المواطن وحقوقه ويعلي من شأن الإنسان، لأنه هو القيمة الحقيقية للوطن، معربة عن أملها أن ترى "شمس العدالة تشرق في بلادنا، وأن يكون لنا صوت يُسمع بعيداً عن القمع والإرهاب، وأن يكون هناك تداول للسلطة وعلاقة قائمة على أسس الاحترام والمواطنة والحقوق بين الحاكم والمحكوم".