كعادتها استغلت السلطات السعودية فرصة اليوم العالمي للمرأة للترويج لأكاذيب دأبت على ترديدها عن نصرة الملك سلمان بن عبدالعزيز ونجله ولي العهد محمد بن سلمان، للمرأة السعودية والقضاء على التمييز ضدها وتمكينها وما وصلت له في كافة المجالات، في عبث متعمد بذاكرة الشعب وتغطية ممنهجة على معاناة السعوديات المعتقلات في سجونها.
وكتب حساب أخبار السعودية على منصة x المعني بمتابعة أهم الأخبار العاجلة والحصرية، تحت وسم #اليوم_العالمي_للمرأة خبر يفتقر لأصول النشر المهني، قال فيها إن "85% من السعوديات سعيدات"، دون أن يعلن الجهة الصادر عنها الإحصائية المعلنة ولا وقت إعلانها ولا حيثياتها ولا خلفياتها ولا المعايير التي استندت عليها الإحصائية للجزم بالأمر.
والحقيقة الثابتة بالأدلة والمواثيق الدولية وفي بيانات الخارجية الأميركية والبريطانية وتقارير الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية أن المرأة السعودية تتعرض لكافة صنوف الاضطهاد والظلم والاستغلال والقمع والانتهاكات، خاصة المعتقلات في سجون السلطة والمتحفظ عليهن في دور الرعاية، كما حدث مع أيتام خميس مشيط من ضرب وإيذاء جسدي ونفسي.
وبحسب التقرير السنوي لمنظمة القسط الحقوقية الصادر في 31 يناير/كانون الثاني 2024، فإن النساء السعوديات مواطنات من الدرجة الثانية، على الرغم من الإصلاحات المتبجح بها، حيث استمر استهداف نشطاء حقوق المرأة – وحتى الأفراد الذين يعبّرون ببساطة عن دعمهم لحقوق المرأة - للاعتقال والمحاكمة.
وقالت القسط إن السلطات السعودية استمرت في تشكيل الإطار القانوني الذي يؤثّر على حياة المرأة في السعودية في عام 2023 من خلال قانون الأحوال الشخصية (أو قانون الأسرة)، والذي، مضيفة أن "على الرغم من وصف السلطات له بأنّه يشكّل إصلاحًا كبيرًا، إلا أنه يرسّخ في الواقع خصائص خبيثة لمنظومة ولاية الرجل على المرأة التقليدية".
وأكدت أن قانون الجنسية السعودية استمر في التمييز ضد المرأة، وذلك على الرغم من التعديل الفني الطفيف في مطلع عام 2023، كما استمرت السلطات في استهداف المدافعات عن حقوق الإنسان ونشطاء حقوق المرأة وحتى الأفراد الذين يعبّرون ببساطة عن دعمهم لحقوق المرأة للاعتقال والمحاكمة.
فيما ذكر حزب التجمع الوطني بمناسبة يوم المرأة العالمي، بالكفاح الطويل للمرأة السعودية لنيل حقوقها المشروعة، ودورها الكبير في النضال الوطني للإصلاح السياسي والحقوقي، مذكرا أيضا بمعتقلات الرأي اللآتي ناضلن ودافعن عن حقوق الإنسان وقدمن تضحيات كثيرة، وأكد أن على السلطات الإفراج الفوري عنهن، وتعويضهن عن الانتهاكات التي تعرضن لها.
وطالب في بيانه الصادر 8 مارس، بالإفراج عن كل المدافعين عن حقوق المرأة، والعمل على ضمان حقوقها بشكل حقيقي وفعّال، بعيدا عن الشعارات والدعايات التي لا تعكس أثراً حقيقيا في حياة النساء، مؤكدا أن التمكين الحقيقي للمرأة، يبدأ بضمان حقوقها المدنية والسياسية ومنها حقها الأساسي في المشاركة السياسية، واحترام وضمان كافة حقوق المواطَنة.
وإجهاضا للأكاذيب التي تروجها السلطة، عرض الأمين العام للحزب الدكتور عبدالله العودة، صورة تشمل أسماء 51 امرأة محتجزة في السعودية سواء خاضعة للاعتقال التعسفي أو تم إطلاق سراحها لكن محاكمتها مستمرة، أو ممنوعة من السفر، قائلا: "ما بين معتقلة تعسفياً.. وتخضع لمحاكمة وممنوعة من السفر هذه الأسماء المعروفة وهناك العشرات الأخريات".
وقالت المتحدثة باسم حزب التجمع الدكتورة مضاوي الرشيد، إن من تناقضات التنمية المزعومة زمن بن سلمان، أن الحركة النسوية تقمع ورموزها يتعرضن لأقصى العقاب بينما يزعم النظام أنه يمكن المرأة، مؤكدة أن هجرة النساء السعوديات القصرية تفضح مزاعم النظام أن المرأة تعيش أفضل حقبة تاريخية وتتمتع بكامل حقوقها.
وأضاف في سلسلة تغريدات دونتها على حسابها على منصة x، تحت وسم #سعوديات_سجينات في 8 مارس/آذار 2024، أن إطلاق سراح السجينات مطلب وطني وانساني في يوم المرأة العالمي، مشيرة إلى أن النظام يتعاون مع السلطوية الاجتماعية لتخمد أصوات النساء حتى في الخارج".
وأوضحت الرشيد، أن النظام يوفر الدعم للأسر التي تريد استرجاع نسائها قسراً، ومن جهةً يسلطون أقذر البشر للنيل من أعراضهن وسمعتهن، مؤكدة أن الحركة النسوية السعوديةً ليست مناطقية أو طائفية أو متطرفة ليبراليا أو إسلاميا لذلك يسجن النظام رموزها.
وقالت ورئيسة قسم الرصد والمناصرة في منظمة القسط لينا الهذلول: "ما دام القيادة السعودية تعتقل كل امرأة تتحدث عن حقوقها وتعبر عن رأيها وتمارس أي نوع من النشاط الحقوقي، سيظل خطاب (تمكين المرأة) وَهم لا يصدقه أحد ولا يفيد أي طرف كان.
وتحت عنوان "في يوم المرأة العالمي: صوت الضحايا والناشطات أعلى من غسيل السعودية"، نشرت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان تقريرا يستنكر محاولات السلطة غسيل صورتها أمام العالم من خلال ملف "حقوق المرأة"، ورفع الجهات الرسمية شعارات "تمكين المرأة"، وتصريحات ولي العهد عن التغيرات في تعامل بلاده مع النساء.
وأكدت أن مقابل الدعاية والتصريحات، كان واقع النساء في السعودية يزداد تدهورا بالتوازي مع حملات شرسة على المجتمع المدني والنشطاء والناشطات والمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان بهدف منع المعلومات من الوصول، قائلا إن بالتوازي مع سيطرة ولي العهد على مرافق الحكم، بدأت تظهر معالم الانتهاكات وضحاياها من النساء.
وأوضح نائب رئيس المنظمة الأوروبية عادل السعيد، أن السلطات السعودية متلهفة أكثر لإقناع اللاجئات بالرجوع إلى البلاد أو تلويث سمعتهن بأساليب وضيعة، لأن تزايد أعداد طالبات اللجوء يفضح كذبة "تمكين" المرأة ويفتح أسئلة حول أسباب هجرة النساء بعد التغييرات التي طرأت على العديد من الأنظمة.
وقال الكاتب والحقوقي المصري جمال عيد: "السعودية، ليست فقط ترفيه ورياضة وممثلين ومطربين، السعودية أيضا سجناء رأي وسجينات وممنوعين وممنوعات من السفر والحرية"، مؤكدا أن "التعتيم لا يفيد".