انتقدت كوادر بحزب التجمع الوطني التصعيد الحاصل بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة التي وصلت حد تقديم الرياض شكوى للأمم المتحدة لأول مرة في تاريخ البلدين رفضا لإعلان الإمارات منطقة الياسات منطقة بحرية محمية، وعدوها بمثابة مقدمة لظهور الخلافات وتصاعدها بين الطرفين.
البعثة الدائمة للمملكة السعودية لدى الأمم المتحدة أحالت في 18 مارس/آذار 2024، إلى الأمين العام للأمم المتحدة مذكرة من وزارة الخارجية السعودية، تؤكد فيها رفض المملكة للإعلان الوارد في مرسوم الإمارات بشأن إعلان منطقة الياسات منطقة بحرية محمية، حيث يتعارض مع القانون الدولي.
وأعلنت المملكة تمسكها بجميع مواقفها، مؤكدة أنها لا تعترف بأي إجراءات تتخذها حكومة الإمارات أو ممارسات تقوم بها في المنطقة البحرية قبالة سواحل المملكة، بما في ذلك البحر الإقليمي لها ومنطقة السيادة المشتركة بين البلدين وفي جزيرتي مكاسب والقفاي.
وسلط كوارد الحزب في حديثهم مع "صوت الناس" الضوء على أصل الخلافات بين السعودية والإمارات وتصاعدها منذ وصول الملك سلمان بن عبدالعزيز ونجله محمد بن سلمان إلى السلطة في السعودية، ووصول محمد بن زايد إلى سدة الحكم في الإمارات المتحدة العربية، مؤكدين أن سلطة البلدين استبدادية وغير منتخبة ولا تمثل موقف شعبها.
العضو المؤسس لحزب التجمع الوطني يحيى عسيري، قال إن الخلافات السعودية الإماراتية متعددة، وإن كانت في الأصل ممكنة الحل بشكل ودي وهذا ما كنا نرجوه بين
دولتين جارتين شقيقتين، فنحن والشعب الإماراتي إخوة، ولكن الإشكال بين السلطتين، فلا الشعب الإماراتي اختار قيادته ولا شعبنا كذلك.
وأضاف أن "الفارق بين السلطتين أن السلطات السعودية ساذجة وبسيطة ومتهورة وتتخذ قراراتها بشكل مفاجئ وسريع، بينما السلطات الإماراتية تخطط وترسم، وتدبر لأذية جيرانها وقمع شعبها، وإن كانت الأذية مشتركة بين البلدين، إلا أنها في الأمارات بخطط مدروسة، وفي السعودية قرارات لحظية".
وأشار عسيري، إلى أن الإمارات استطاعت إغراق السعودية في اليمن، ومن ثم نفذت مشروعها، وتحاول تقسيم اليمن وفرض أجندتها هناك، مؤكدا أن الإمارات حاولت في ذات الوقت الذي غرقت فيه السعودية في اليمن، السيطرة على مناطق بحرية مُختلف عليه بسلوك وكأنه ضربة من الخلف للسعودية.
وأوضح أن السلطات السعودية لم تجد أمامها أبواب مفتوحة مع الدولة الجارة لحل الخلاف معها وديًا، فاتجهت بشكوى للأمم المتحدة، وانتهجت بذلك دبلوماسية قطر إثر الخلاف مع السعودية والإمارات الذي نشب في 2017.
وقام عسيري بنشر رابط شكوي السعودية ضد الإمارات للأمم المتحدة،
تغريدة يحيي عسيري مرفق معها رابط الشكوى
رابط شكوي السعودية ضد الإمارات للأمم المتحدة
ورأى عضو الحزب عمر عبدالعزيز، أن تقدم السعودية بشكوى ضد الإمارات ينقل الحديث حول الصراع بين الدولتين من التكهنات للتأكيد، ومن الخفاء للعلن، قائلا إن العلاقات لا يمكن أن تكون سمناً على عسل في ذات الوقت الذي تتوجه في السعودية للأمم المتحدة.
وأكد أن هذه ليست المشكلة الأولى بين البلدين، وأن العلاقات بينهما وصلت إلى مرحلة لا تستطيعان حل المشاكل العالقة بينهما، وإنما اضطرت السعودية إلى تجاوز اتصالات الأشقاء والإخوة والمحبة والزيارات واللقاءات والندوات ومجلس التعاون الخليجي وتوجهت إلى الأمم المتحدة، وهذا يعني أن الأمر أخذ منحى تصعيدي غير مسبوق في العلاقات بينهما منذ وصول الملك سلمان ونجله إلى سدة الحكم.
وأوضح عبدالعزيز أن المتغيرات الحاصلة حول الخلافات بين الرياض وأبو ظبي أنها بدأت تظهر على السطح وما كان يتردد في السابق حول خلافاتهما أصبح اليوم في العلن، مشيراً إلى أنهما بينهما خلافات كبيرة الجميع كان يترقب لحظة انفجار حقل الألغام فيما بينهما، ومنها الخلاف على حقل الشيبة النفطي، الذي تقول السعودية إنه تابع لها وتسيطر عليه، بينما الإمارات ترى أنه يقع داخل حدودها وأن السعودية اعتدت عليه.
ولفت إلى أن من أبرز الخلافات بين الطرفين الخلاف حول النفوذ، إذ يرى كل طرف أنه الأولى والقادر على الاستحواذ، ودخلت الإمارات اليمن ومصر والسودان وليبيا وتونس وأكثر من موقع آخر كانت تعتقد المملكة السعودية أنها تملك فيه النفوذ الأكبر، قائلا إن النفوذ الإماراتي اليوم في اليمن ومصر والسودان وليبيا أكبر من النفوذ السعودي وبقيت السعودية محافظة على بعض الحواضن.
وأشار عبدالعزيز، إلى أن الإمارات بدأت تشعر أن هناك تنافس وتحدي وتهديد مع السعودية على بعض الأمور والمصالح التجارية والمالية من بينهما انتاج النفط وتصديره، مشيرا إلى أن دبي تشعر بتهديد من بعض التحركات السعودية خلال السنوات الماضية وضغطها على بعض الشركات لنقل مقارها العالمية والإقليمية الكبرى من أبو ظبي ودبي إلى الرياض وبعض المدن بالمملكة السعودية.
وأوضح أن هناك إرث خلافات تاريخ بين حكام الإمارات وحكام المملكة السعودية وبين الوهابية والمذهب الديني الذي كان قائما بين حكام الإمارات وهناك حروب سابقة وقعت بينهم في الماضي وكانت مدفونة ومع بداية أي صراع يبدأ الناس باستعادة ذاكرة التاريخ،
مؤكداً أن الوضع في اليمن زاد هذه الخلافات إذ يوجد بينهما خلاف حقيقي قد يصل إلى اشتباك مسلح بين الفصائل المدعومة سعوديا والمدعومة إماراتيا.
وعد عضو الحزب ناصر العربي، تقدم السعودية بشكوى ضد الإمارات في الأمم المتحدة، مؤشر على تراجع قوة السعودية إقليميا، حيث وقعت في السابق الكثير من الخلافات الحدودية بين دول الخليج، لكن يتم حلها عبر التسويات والمجاملات بين الطرفين، مؤكدا أن السعودية تقف اليوم عاجزة أمام تمدد القوة والحضور الاماراتي اقليميا وعربياً.
وأشار إلى أن الإمارات تتصرف اليوم وكأنها فوق القانون ولا تضع في الاعتبارات أي ضوابط مسبقة للتقاليد والأعراف الدبلوماسية بين جاراتها، قائلا إن السعودية أثبتت بتقديمها هذه الشكوى أنها في حالة تراجع وأنها لا حيله لها سوى الرجوع للأمم المتحدة، وهو ليس فعلا خاطئ، لكنه مؤشر حقيقي على توتر العلاقة بين البلدين وضعف الموقف السعودي أمام الإمارات.
ورأى عضو الحزب عمر عبدالله، أن تقدم السعودية بشكوى للأمم المتحدة ضد الإمارات أول بوادر خروج ما يمكن تسميته بالخلاف السعودي الإماراتي للعلن، رغم محاولات بعض لجان الذباب الإلكتروني نفيها وحرصهم على الأقل الآن لجعل مناوشات الذباب الإلكتروني هي السقف الأعلى لها.
وأكد أن الوثائق التي خرجت بشأن الشكوى المقدمة صحيحة ومحرجة لمحاولاتهم النفي والتكذيب، متوقعا أن تشهد الأسابيع المقبلة تطورات جديدة بهذا الشأن، ولن يقف الأمر عند مناوشات اللجان الإلكترونية للبلدين، قائلا إنه كان من المتوقع منذ سنوات أن تصل العلاقات إلى هذه الخلافات التي قد تتطور إلى صراع كامل.
وأرجع عبدالله، التوقعات بتطور الخلافات إلى شخصية قيادات البلدين وطموحاتهم التي وإن توافقت في مرحلة ستتصادم في أخرى، مؤكدا أن القيادات في كلا البلدين استبدادية وغير منتخبة ديمقراطياً، لكن الإمارات أكثر ذكاء ودقة وتخطيط في سياساتها الخارجية، بعكس السياسة السعودية المتصفة بالتهور والتسرع وغياب الرؤية والمشروع.
وقال: "لذلك أعتقد أن الامارات ستتفوق في أي صراع قادم ولاسيما أن لها نفوذ لا يمكن تقدير حجمه داخل السعودية"، مضيفاً أن "معظم النفوذ الذي حققه بن سلمان في الغرب كان نتيجة علاقته القوية حينها بابن زايد، واليوم يبدو أن المعادلة ستتغير، وللأسف السلطة الحالية قزمت دور السعودية وجعلت الإمارات تبدو أقوى وأكبر بكثير من حجم قدراتها وإمكانياتها".
وتابع عبدالله: "هذا الضعف والتقزيم يشجع ابن زايد على مواجهة قد تكون علنية فليس لديه ما يخسره، وأعتقد أن الصراع قد بدأ بالفعل منذ أشهر إذ بدأت اللوبيات الموجودة في واشنطن تتحرك، لكن كل ما يمكن انتظاره هو انفجار هذه التحركات للعلن، ويبدو أن مقولة لا صديق دائم ولا عدو دائم لن تستخدم في السعودية لتبرير المصالحة مع قطر وإيران فقط، إنما ستشمل العداء للإمارات عما قريب، بعد انتهاء (الصداقة) المؤقتة، وما قضية الشكوى إلا مقدمة".