لكل دولة ظروفها الخاصة في نشأتها وقيامها في عالمنا العربي والإسلامي، وإن كان ما يسميه الغرب “الشرق الأوسط” – حيث كان “مكتب الهند البريطاني” هو أول من أطلق عليه هذه التسمية – قد خضع للاحتلال البريطاني كما هو الحال في مصر، العراق، السودان، ويشمل في مراحل لاحقة دولة الاحتلال الصهيوني، أو الاحتلال الفرنسي مثلما حصل في الجزائر 1830-1962 ولبنان، وكذلك احتلال إيطاليا للأراضي الليبية بين عامي 1912 و1927 وعرفت باسم شمال أفريقيا الإيطالية، أو حتى سبتة ومليلة في المغرب وقد احتُلتا من قبل أسبانيا وهذا على سبيل الذكر لا الحصر.
والاحتلال هو دخول واحتلال أراضي دولة ما بالقوة والقهر وفرض السيطرة عليها وعلى شعبها من خلال الجيش والثقافة واللغة التي لايعرفها أهل هذه البلاد، ويسعى المحتل من خلال هذا إلى تغيير هويتها.
وأوضح مثال على ذلك هو احتلال الكيان الصهيوني لمعظم الأراضي الفلسطينية، التي أصبح المحتل وداعميه يطلقون عليها اسم “دولة إسرائيل”، هذا الكيان الذي قتل الأطفال والشيوخ والنساء بأكثر الطرق وحشية وما زال، وهجر الشعب قسرًا من قراهم ومنازلهم، وجعلهم لاجئين في شتى دول العالم واغتصب وطنهم قهرًا.
وما فتئ ذلك الفلسطيني الأبي يدافع بشراسة عن أرضه وعرضه وحقه ويقاوم بكل شرف وبسالة، هذا ولا يختلف اثنان عن أن هذا العدو غاصب ومحتل ينبغي محاربته.
لا يمكن مقارنته مع ما يحدث في المملكة السعودية كمثال! هذا لأن المقارنة هنا خاطئة ولا تصح؛ لأن الاحتلال يقارن بالاحتلال ونحن في السعودية إزاء ملكية مطلقة واستبداد لا احتلال كما يردد العديد من الأشخاص سواء كانوا نشطاء حقوقيين أو سياسيين أو كلاهما!
لو أن السلطات السعودية قامت بإصلاح حقيقي لا مجرد شعارات، وكفلت للمواطن جميع حرياته ابتداءً بحرية التعبير وتحولت إلى نظام ديمقراطي وان كان بالتدريج لكان ذلك مُرضيًا وربما باعثًا على الثقة وانتظار المزيد منها، ولكن في مثل حالات الاحتلال لا وجود للإصلاحات ولا يهجس أهل البلاد المُحتلة إلا بطرده وإخراجه من أراضيهم.
لذلك مقارنات التهجير هنا بالتهجير هناك أو القمع بالقمع أو حتى الاعتقال بالأسر الذي لا يكون إلا في وقت الحروب، كلها جملة وتفصيلًا لا تصح.
قمع وإرهاب المحتل معروف، وكذلك قمع وتكميم أفواه المواطنين من قبل المستبد معروف وقد يقع أحدنا بدون قصد منه بتلميع أفعال الكيان الصهيوني عندما يقارن مدة اعتقاله لمقاوم فلسطيني ما مع معتقل رأي في السعودية، فهو بهذا يقلل من جرمه ويضفي شرعية لوجوده دوم تحليل وتفكير لأبعاد ما يفعل!
فإن كانت الشعوب العربية عقبة كما صرح نتنياهو مرة، فهم يعلمون كيف يتلاعبون بتلك الشعوب العاطفية ويتماشون مع المجتمع الدولي بما يحقق مصالحهم، كن عقبة ولا يكن عقلك وقلبك مُخترقًا من قبل العدو المحتل.
فنحن لا نعيش تحت احتلال، والحقيقة أننا نواجه آلة استبداد ويوجد منا من ينكر ذلك! بخلاف الكيان الصهيوني الذي لا يختلف على احتلاله للأراضي الفلسطينية اثنان.
لذلك ينبغي علينا أن نكون أكثر وعيًا وإدراكًا مما نحن عليه.