أعربت منظمة القسط لحقوق الإنسان، عن قلقها العميق إزاء الحالة المزرية لحريّة الصحافة وحريّة التعبير في السعودية، داعية السلطات السعودية للتوقّف عن ملاحقة الصحفيّين والمدونين والكتّاب على خلفيّة أنشطتهم السلميّة المتعلّقة بعملهم.
وأرفقت في تغريدة دونتها على حسابها بمنصة إكس في 3 مايو/أيار 2024، بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، تقرير سابق لها رصدت فيه "مشهد حرية الصحافة المحلي في يومها العالمي"، مؤكدة أن السعودية تشهد استمرارًا للسياسات القمعية للصحافة والعمل الصحفي، وحافظت على مكانتها ضمن أخطر وأصعب الدول في العالم لعمل الصحفيين.
وأوضحت القسط، أن نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية لعام 2007 وضع إطارًا قانونيًّا جديدًا لقمع حرية التعبير على الإنترنت، وموادّه الفضفاضة تستخدمها السلطات لمحاكمة الأفراد لتعبيرهم السلمي عن آرائهم بنشرها على مواقع الإنترنت أو شبكات التواصل الاجتماعي.
وأكدت تزايد وتيرة قمع السلطات السعودية للصحفيين والعمل الصحفي المستقل، بعد تولي محمد بن سلمان ولاية العهد، موضحة أنها عملت على توثيق ذلك القمع وما تضمنه من تخييم أجواء الخوف والترهيب، واستهداف الصحفيين والكتّاب بالمحاكمة وإنزال أحكامٍ مطولة في السجن، بل وقتل بعضهم بسبب عملهم الصحفي، حتى سادت سردية الصوت الواحد، صوت السلطات السعودية، وضمنت السعودية لها مكانةً ضمن أسوأ الدول لحرية الصحافة في التقرير السنوي لمنظمة (مراسلون بلا حدود).
وأشارت القسط إلى أن السلطات السعودية تستمر في اعتقال الصحفيين ومحاكمتهم بسبب أعمالهم المهنية، وتشديد القيود المفروضة على الصحافة، واستهداف الصحفيين بالاعتقال التعسفي، والإخفاء القسري، والتعذيب، وحتى القتل، كما حدث مع الصحفي جمال خاشقجي، وتعتمد السلطات السعودية هذا النهج لتكميم أفواه الأصوات الناقدة، وتقييد المعلومة وحرمان المواطنين والمواطنات منها.
ولفتت إلى أن السلطات تفرض أجواء رقابة ذاتية تمنع أي عمل صحفي مستقل من الظهور؛ خوفًا من مصير الصحفيين في السجون السعودية، حيث تسعى السلطات السعودية إلى صبغ العمل الصحفي المستقل، وأي تداول للمعلومات والأفكار المستقلة، بِصِباغ الإرهاب، لتخلق بذلك بيئة من الخوف والتهديد، ما يمنع ويقيد تداول ونشر المعلومات.
وذكرت القسط بأوضاع بعضٍ من الصحفيين والكتاب والمدونين الذين تعرضوا للاعتقال، والإخفاء القسري، والأحكام القضائية على خلفية أعمالهم السلمية التي تتعمد السلطات السعودية تصنيفها ومحاكمة القائمين بها ضمن إطار الإرهاب ومحاربته، ومنهم الصحفي تركي الجاسر المعتقل على خلفية التعبير عن الرأي والذي لا يزال رهن الاختفاء القسري بعد اعتقاله من منزله العام 2018.
كما لفتت إلى أن السلطات السعودية استدرجت الصحفي سلطان الجميري، الذي كان مقيمًا حينها في كندا، في سبتمبر 2018، بعد إعلامه بأنه لا يوجد عليه أي ملاحظات أمنية، فاعتقلته مباشرةً فور وصوله المطار في السعودية، ومكان اعتقاله مجهول حتى الآن ولم توجه إليه أي اتهامات بعد
وأشارت إلى اعتقال المدون خالد العلكمي منذ سبتمبر 2017 -افرج عنه في ديسمبر 2022، لافتة إلى أن المحكمة الجزائية المتخصصة، التي أنشئت بدعوى محاكمة قضايا الإرهاب، حكمت على الإعلامي فهد السنيدي بالسجن لمدة ثلاث سنوات ونصف السنة، بِدعاوى منها "دعم ثورات الربيع العربي" و"نشر تغريدات تطالب بالإفراج عن بعض السجناء"، وأفرج عنه في 3 فبراير 2022 بعد قرابة السنة الكاملة من نهاية محكوميته في مارس 2021.
وقالت إن الحكم الصادر على الصحفي علاء برنجي في أبريل 2016 مثل صدمة للوسط الإعلامي والصحفي، وهو صحفي بارز عمل في صحف شهيرة مثل عكاظ والبلاد والشرق وذلك بعد اعتقاله في 2014، ومحاكمته في الجزائية المتخصصة إثر تغريدات نشرها على تويتر عبر فيها عن تأييده لقيادة المرأة ومناصرته لمعتقلي الرأي.
وأضافت أن الحكم المنزل عليه بالسجن لمدة سبع سنوات تتلوها ثماني سنوات منع من السفر مستندًا إلى عدد من التهم بينها "إهانة ولي الأمر" و"تحريض الرأي العام" و"اتهام ضباط أمن بقتل متظاهرين في العوامية"، كان مزلزل، ليفرج عنه في فبراير 2021 مع منعه المستمر من السفر.
وأشارت القسط، إلى الحكم الصادر على الكاتب عبدالله المالكي بالسجن لمدة سبع سنوات على خلفية نشاطاته الثقافية، ومواقفه الفكرية، وتغريدات نشرها على (تويتر)، لافتة إلى اعتقال الكاتب الإصلاحي زهير كتبي بطريقة عنيفة في 2019، وتعرض للضرب والإهانة، وما يزال رهن الاعتقال رغم حالته الصحية، كما يقضي الإعلامي وجدي الغزاوي حكمًا بالسجن لمدة 12 سنة، تتلوها 20 سنة منع من السفر، على خلفية محتوى برنامجه (فضفضة) على موقع (يوتيوب).
وأوضحت أن استهداف الصحفيين طال مواطنين أجانب كالصحفي السوداني أحمد علي عبدالقادر، الذي تم اعتقاله عند وصوله مطار الملك عبدالعزيز بسبب انتقاداته لسياسات السعودية في السودان واليمن، مشيرة إلى أن وقت كتابة تقريرها في 2022 ما زال الصحفي والمدون اليمني المقيم في السعودية مروان المريسي سجينًا، وذلك بعد أنْ اعتقل
من منزله في 1 يونيو 2018 وأخفي قسريًّا لقرابة السنة الكاملة، ولم يحال إلى المحكمة إلا في أكتوبر 2020، لتستمر محاكمته مع حرمانه من التمثيل القانوني والزيارات العائلية.
وأكدت أن قائمة الاعتقالات تضم عددًا كبيرًا من الصحفيين، ومن اتخذ العمل الصحفي والإعلام سبيلًا للتعبير عن الرأي، ونشر وتداول المعلومات، قائلة: "ويلاحظ أنّ الوعود بالإصلاح والتغيير والانفتاح التي تكررت مع تقلّد محمد بن سلمان ولاية العهد قد تحولت سريعًا إلى مستوىً جديدٍ من القمع".