مقالات

ومضة | تغيب الحكمة عندما يحضر الاستبداد (جزء 1)

الكاتب/ة ترف عبدالكريم | تاريخ النشر:2021-07-06

يتدرج الإنسان في المراحل الدراسية وفي صدره آمال وطموحات مهما كان حجمها، والوظيفة هي حلم وأمل كل إنسان لا سيّما خريجي الجامعات الآخذ عددهم في الازدياد، ولكن يصطدم أغلبهم بعدم وجود وظائف  شاغرة فور تخرجهم، معتقدين وأن أبواب استقلاله عمن يعوله قد فُتحت لهم، حينها قد ينتابه الشك بنفسه وبقدراته قبل أن يتملكه اليأس، فيلجئ إلى الدورات التطويرية علّه يحظى بقبول هنا أو هناك، ولكن يبقى الحال على ما هو عليه، فإما أن يكون تخصصه غير مرغوب به، أو يقع مطالبته بسنوات خبرة معينة، وأنّى له ذلك وكل فرصة للخلاص من تعطيله عن العمل مغلقة أمامه!

إذ ما عاد الأمر يتطلب خريجين متميزين، فهم كُثر، وبعضهم قد استفاد من برنامج الابتعاث وعاد إلى البلاد ظنًا منه أنه سُيحتفى به وبتفوقه، فإذا بالندم والركود يطوقه بسبب العودة.

هؤلاء الشباب الذين تملؤهم الطاقات والحيوية، ماذا عساهم أن يفعلون في انعدام أي بارقة أمل في توظيفهم؟!

هل على أحدهم أن يقبل بوظيفة بائع أو محاسب محلات تجارية أو حارس أمن! رغم أن بعضها صار بشروط قد تثقل كاهل المتقدم!

لا عيب في العمل أبدًا، ولكنه أمر يبعث على الإحباط والضيق ذرعًا في هذه الحياة الفسيحة والرحبة التي تحولت بفعل المستبد تلو الآخر إلى بلاد تقتل الطموح وتدفع بالشباب إلى الجريمة والفساد؛ هذا ما يفعله الفراغ، ويصبح لا مفاضلة بين الجامعي وسواه.

لا مال يُصرف لمن تم تعطيله عن العمل وحتى لو صُرف على غرار “حافز” يشعر المرء بالإهانة حتى يحصل عليه ثم يأخذ بالتناقص حتى يُقطع عنه، ومؤخراً تم استئنافه وتدفق كل من لا يعمل للتسجيل به فإذا به يُغلق وربما يعود باسم جديد.

ويحاول الإنسان جاهدًا أن يحفظ ماء وجهه بعدم مطالبة أقرب الناس إليه بأي مبلغ مالي أو إظهار الحاجة، أو أن يصبح عكس ذلك فتموت عنده الكرامة أكثر.

وحتى من عاد من الخارج يكون ببعثة قد مُنح فرصة للإطلاع على أنظمة سياسية مختلفة تحترم الإنسان ولا تسلبه حقوقه، فهنا تحدث المقارنة في ذهنه وإن ظلت حبيسته، فهي مشاعر مكبوتة ومفاهيم واعية يحاول صاحبها التنفيس عنها وهذا مؤشر خطير ربما ينذر بوقع ما لا يرضاه الحاكم.

تغيب الحكمة عندما يحضر الاستبداد وهذا ما يفعله بالمواطن والوطن، الأفضل من الحرمان هو العطاء وعدم سلب الناس حقوقهم، واحتوائهم بالمحاولة الجادة للقضاء على البطالة لا ببيع الأوهام بالإعلان عن أرقام مهولة توفر الوظائف، ذلك اجدى للاستقرار السياسي والاجتماعي معًا، فالشباب ثورة وفورة ينبغي إيجاد بيئة جاذبة ومُرضية لهم لا طاردة لهم وساخطة عليهم.