مقالات

ومضة | تغيب الحكمة عندما يحضر الاستبداد (جزء 2)

الكاتب/ة ترف عبدالكريم | تاريخ النشر:2021-07-21

استكمالًا للمقال السابق الذي تناولت فيه ملف البطالة الذي غابت معه الحكمة عندما يحضر الاستبداد، كمثال على سبيل الذكر لا الحصر، وكذلك تحضر معه جميع معوقات التقدم من فساد وسوء ادارة البلاد.

ثمة أيضًا ملف معتقلي الرأي الذي كلما كبر قل معه الاستقرار السياسي إذا ما تناولناه كمؤشر على استقرار الدول من ضمن العديد من المؤشرات.

فليس من المعقول أن يتم اعتقال العلماء والمصلحين وخيرة أبناء الوطن كلما ضاق الحاكم ذرعًا بكل من يبدي رأيه المخالف له وإن كان معه! في المملكة السعودية بلغ الاستبداد أقصاه حتى اختنق العباد وأدرك الكثير من الشعب الواعي أن ليس ثمة أمان كما يشاع، إذ كيف يجتمع الأمان مع القمع؟! “إن قلت لو أن الملك أو ولي العهد فعل كذا لاكتمل المشهد..” لو تفوهت بهذا فقط وأنت محبًا لهم لن تشفع لك عندهم، ولا أريكم إلا ما أرى. ولنا الأمثلة في من تم اعتقالهم لمجرد آراء نابعة من حب الوطن والحرص على تبوئه المكانة المتقدمة بين الأمم، لدينا عصام الزامل الذي تم اعتقاله في سبتمبر 2017 وقد حصل على جائزة الملك سلمان لشباب الأعمال عندما كان أميراً عام 2009 ،وجائزة خريجي الدولة للإنجازات عام 2014 وحصل على تصنيف مجلة فوربس لأكثر الشخصيات السعودية تأثيراً! ومن ضمن التهم الكثيرة الموجهة له هي التشكيك في صحة قرارات الدولة! لأنه خبير اقتصادي ويرى بأن ذلك القرار هو الأنسب، يتم اعتقاله! آ مثل عصام يُعتقل؟

أو الدكتور سلمان العودة الذي كان هادئًا في طرحه ومؤثرًا، يكون جزاؤه أن يعتقل ومن ضمن الـ 37 تهمة الموجهة إليه عدم الدعاء لولي الأمر بما فيه الكفاية!! ودعوته أيضًا “للتغير في الحكومة السعودية” والقائمة تطول، حتى طالب الادعاء العام بتطبيق عقوبة الإعدام! بعدها تشعر بأنك أمام حكم اشتد جوره حتى شمل جميع الأطياف، وكذلك الباحث الشرعي حسن فرحان المالكي الذي يواجه تهمًا تتعلق بالتعبير عن آرائه الدينية وغيرها وأيضًا طالب المدعي العام بإنزال عقوبة الاعدام بحقه. وكل هذا ليس سوى غيض من فيض وسجون المستبد تغص بالدعاء والعلماء والمثقفين والنشطاء، ومع ذلك ما زال الاعتقال يمارس بشكل شبه يومي بحق الأبرياء الذين لم يرضوا بتكميم أفواههم فأصبحو مجرمين بنظر ولي الأمر الظالم وغيره من السذج الذين يتبعونه بغير هدى.

كل ما يحدث من حولنا في وطننا جعل من الاعتقالات والتخويف بمثابة الإرهاب الأمني إن جاز التعبير، وإلا هل يتصور أحدًا أن كل من قرر عدم الصمت على الظلم واتخذ تويتر كمثال ليصدح بالحق، أن يخفي جهازه ويبقيه في مكان آمن لا يصطحبه معه في أغلب الأماكن لا سيما الحكومية منها لئلا تخضع للتفتيش بحثاً عن النشطاء، أما من يقول أنه في أمان فهذا لأنه انسجم مع الوضع وخضع للحاكم، إلى أن باتت اهتمامته يومية في تحصيل الرزق وخلافه.

لا معنى لكل إصلاح هامشي في البلد لأن فعلاً كذلك ما لم يمس حقوق الإنسان وحرياته التي تبدأ بممارسة حقه الطبيعي في إبداء رأيه، هذا الحق الذي كفله له خالقه.