لا مفر، القضية الفلسطينية تأبى إلا أن تكون حاضرة في كل مشهد لكي تثبت أنها بالصدارة،
وتعطي فرصة أكبر لمن يريد نصرتها أن يتقدم، وبين الإقدام على ذلك أو الامتناع عنه تكون لافتات المبادئ والوعي الحقيقي والحكمة والإكراه شاخصة لكل إنسان حتى يترجم كل ما سبق قولاً وفعلاً.
في البداية علينا أن نؤمن أننا كشعوب عربية نقف عقبة تلو الأخرى أمام المحتل، وأن مظاهر التطبيع تحاصرنا من كل إتجاه ويبقى دورنا في الوعي أولاً لنستطيع مقاومة ذلك ثانياً.
وما رأيناه مؤخراً من ضجيج في مواقع التواصل الإلكتروني بسبب مشاركة تهاني القحطاني في دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو ومقابلتها للاعبة الإسرائيلية التي خسرت أمامها سوى آراء بعضها معتدل وآخر متطرف بين شامت ومتنمر!
المواطنين السعوديين عموما، وبالذات من لا يستطيع أن يحمّل ولي الأمر المسؤولية ويلقي عليه باللوم ويقرأ أبعاد هذا القرار، راح يلوم اللاعبة بقسوة، متجاهلاً أن الإنسان في هذه الدولة لا رأي له إلا من كان واعياً و تهمه بالأصل القضية الفلسطينية حيث يرفض الانخراط بمثل هكذا مواقف مخزية، إذ تجده إن لم يستطيع أن يقف بصف المظلوم يعتزل الأنام ويبقى صامتاً!
ولكن السؤال الذي يجب طرحه، هل التطبيع الحقيقي قادم؟ وما هذه اللعبة سوى تمهيداً لذلك.
يحضرني موقف عادل الجبير عندما كان وزيراً للخارجية، حيث كان أحد الصحفيين الإسرائيليين حاضرا في مؤتمر صحفي، ورفض الجبير التجاوب معه.
في المملكة السعودية أي حدث أو قرار لا يتم إلا بموافقة الحاكم إن لم يكن بتوجيه منه، هي رسالة لمعرفة ردة فعل المجتمع وفيها اختبار على مدى الثبات على رفضنا لأي تعامل من شأنه أن يؤدي إلى الاعتراف بدولة الاحتلال، لذلك كل الغضب والرفض يوجه إلى القائم على رأس السلطة، وإلا هل يعقل أن مفكرين أمثال عبدالله المالكي، حسن فرحان المالكي وسلمان العودة يُعتقلون وينكل بهم بسبب دعاء توجهوا به لخالقهم، ومن يتغنى بالكيان الصهيوني ويحاول تمرير القبول بالتطبيع بخفة يحتفى به ويعتبر بطلاً، وتكفل له حرية الرأي بهذا الصدد.
وفي سياق آخر، تستغرب ممن ينادي بالحريات ويمقت الظلم والظالمين، ثم تجده يركز على حجاب اللاعبة ويجزم بأنها خسرت الدنيا والآخرة! بالنهاية هي حرة تماما في أن ترتدي الحجاب أو تخلعه فخالقها كفل لها حرية الإيمان من عدمه فكيف بما هو دونه! هي مغرر بها ومن تمام الوعي عدم التألي على خالقنا الرحيم.
معركتنا مع المستبد، أما أدواته قد تكون بحاجة إلى وعي والأخذ باليد لا عليها نحو فهم أكبر وتفكيك القيود العقلية.