لا أملك سوى قلماً و وعياً آخذاً بالتطور المستمر، وأفكاراً قابلة للتعديل وتحث القراء على نقدها بشكل هادف وبناء، قلمي ووعيي هما سلاحي الخاص الذي أوجهه إلى الحاكم الجائر.
وبين كل فترة وأخرى أجري ملاحظات بسيطة على الوعي المجتمعي إلى أي مرحلة وصل وهل هو آخذ في التقدم؟ فأدرك حينها أننا مازلنا في البدايات وبحاجة إلى جهود أكبر وبكل وسيلة للبدء بأنفسنا حتى يشمل الآخرين.
نحن الآن وجميعنا ربما مرّ وما فتىء بمرحلة إزدواجية الأفكار! يقف حائراً بين أريد ولا أريد؟ يقف في منطقة الوسط بين الصح والخطأ! وبالتالي يتخذ قراراً بناءً على بيئته التي استقى منها مجموعات أفكاره التي تبلورت بفضلها حتى صارت إيديولوجية ما لم يراجعها باستمرار وينقحها.
عندما تعارض النظام السياسي في وطنك فأنت قد تحاول جاهداً إذا ما جمعك حواراً مع آخر يمجده أن تثبت أن رأيك هو الأصوب، وقد يكون كذلك، ولكن عندما تتذكر مناقب طاغية ما حد البكاء على أيامه وتتمنى عودتها متجاهلاً جرائمه بحق شعبه، أو حتى التقليل من شأنها لأنه فقط وقف حائلاً بوجه طائفة ما أو دولة ما هم بمثابة الأعداء لك! هنا يكمن الخلل و يشكك بوعيك الذي تدعيه وقد يكون مضللاً لمن هم أقلّ وعياَّ، فالمعادلة الإنسانية التي تحمل طابع المبادىء الأصيلة والثابتة التي ننطلق من خلالها لا تقاس بمنطق أن ذلك الحاكم كان قوياً في إدارة البلاد منع تسلل تلك الطائفة التي لم تتمكن من أن تعيث في الوطن فسادا إلا بعد رحيله في سلسلة من ذكريات الانجازات من وجهة مؤيدها لا تنتهي، هو يسميها إنجازات وهي في الحقيقة جرائم، إذ كيف لا تستحي وأنت تُسَخِّرُ قلمك في الدفاع عن طاغية أباد بعض المكونات المجتمعية وارتكب المجاز ليمارس التطهير العرقي و لم يسلم أحداً من شره؟! صاحب القلم الحر يأبى أن يمجد الطغاة مهما كان بطلاً في مجابهة العدو، صاحب القلم الحر لا يرضى بأقل من الإنصاف لتلك الشعوب المنكوبة التي نالها ما نالها من التنكيل والقتل والتهجير، هذا القول السقيم “نعم كانت للحاكم مثالب ولكنه ألجم العدو” لا يقول به الأحرار الذين يمتلكون درجة عالية من الوعي و تتسرب لهم الحكمة والوقوف إلى جانب الحق مهما كان الظالم.
ومثل تلك الإزدواجية التي يروج لها الكتاب و المؤثرين وثم يرددها أو يقتنع بها الآخرين أن تكرس الطائفية التي من شأنها أن تخدم الحاكم المستبد وحده، وإلا على ذلك الأساس المهترىء ننطلق من القول لاحقاً عندما يحدث تغيير في بلادنا ولابد من الفوضى حتى تستتب الأمور، قد كان ذلك الملك يضرب بيد من حديد ولكن باليد الأخرى حفظ البلاد من تكالب الأعداء والانفلات.. إلخ
أدعوكم يا معشر الأحرار أن لا تقبلوا بالأمان مقابل الحرية، الانضباط مقابل بقاء المستبد، نريد حرياتنا كلها بل وندافع عنها بشراسة، نريد الأمان الحقيقي لا المزعوم، نريد السلام والرفاهية، نريد العدالة الاجتماعية، نريد جميع مقومات الدولة الحديثة وحقوق المواطن، نريد لوطننا كل الخير وأن يكون دائماً في مصاف الدول العظمى حقاً ونحن نستحق ذلك واكثر كشعب أبيّ لا يقبل الذل والهوان.
يا سادة، هذه هي المبادئ الصحيحة التي يجب أن تتشبث بها وهي التي لا تقبل التغيير لأنها بوصلة ضمائرنا الإنسانية التي تعصمنا من أن نحيد عن طريق الحق و الحقيقة، و تنقذنا من وحل تأييد الحريات حسب الولاءات الضيقة، فتشبثوا بها