مقالات

ومضة | دهاليز السياسة

الكاتب/ة ترف عبدالكريم | تاريخ النشر:2021-08-18

عندما يقرر الإنسان والذي أحبّ أن أطلق عليه دائماً -صاحب الضمير الحيّ- ولوج مضمار المعارضة التي تعتبر واجبة عندما تسُلب الحقوق وتنتفي شرعية السلطة الحاكمة بفعل الاستبداد والظلم الواقع على المواطن، حينئذ لابد من إطلالة على دهاليز السياسة قد تتفاوت بالعمق وفقاً للعمل الذي يقوم به ذلك المعارض السياسي.

ثمة الكثير من الأسرار والفنون التي يختص بها علم السياسة بكافة فروعها، شأنها شأن كلّ العلوم الأخرى الإنسانية منها أو العلوم الطبيعية، مثلاً عندما يأتِ أحد الذين وقفوا بوجه السلطان الجائر ويعترض على عمل بعض المنظمات الحقوقية ويتهمها بالانحياز إلى معتقل رأي دون آخر! أو يجده ذلك الحقوقي يمارس الضغوطات على سلطات بلاده من خلال علاقاته بصناع القرار في الدول الأخرى فينعته بالخائن الذي يستنجد بالغريب ويعده بأنه سينقلب ضده!! وجميع هذه التهم والظنون باطلة، هي فقط نابعة من عدم الفهم الكافي بطريقة وأسس العمل الحقوقي الصحيح.

وكذلك الأمر ينطبق على العمل السياسي لا سيّما عندما تؤسس المعارضة حزباً ما، عندها يكون التركيز على الجانب السياسي أكثر، ومن هنا يصعب على من لم يسبر أغوار السياسة والدبلوماسية و العلاقات الدولية أن يهضم بعض البيانات الصادرة عن ذلك الحزب أو أي عمل ما قد يبدو مبهماً بالنسبة إليه!

أي حزب سياسي بالضرورة أن يصدر بيانات توضح موقفه من الأزمات السياسية الخارجية بالذات تلك التي تخص دول الجوار؛ لأن أعضائه يدركون جيداً أنه بالضرورة قد تؤثر على دولته المجاورة بشكل أو بآخر، وشكل البيان الذي يصدره الحزب لن ينال رضى الجميع! لأن ذلك الرضى يعود بالدرجة الأولى إلى الأيديولوجية السياسية لأي إنسان ومالم يوجهها صوب الوعي والإلمام الكامل بمجريات الأمور، مثلاً من يقف مع الربيع العربي ويؤيده سيبقَ دائماً يبحث عن هذا المعنى في كل خطاب وبيان صادر عن تلك الجهة أو غيرها وإلا فالبيان ناقص من وجهة نظره، ولكن العاقل الذي يزنّ الكلمات بميزان الدبلوماسية وضبط النفس ستتجلى له أبعاداً كثيرة و ستفتح له أفاقاً متعددة، فالدبلوماسية فنَّ ينبغي تعلمه واتقانه لا سيّما الدبلوماسية الحزبية التي تمتلك سقف حرية مرتفعا وحساسا للغاية يتوجب معه إلى الانتباه والفطنة والحكمة في التعليق على أي شأن سياسي وحقوقي ما، وفي كل الشؤون لا يمكن لأي منظمة حقوقية أو منظمة سياسية أُسست على حماية الحريات والدفاع عنها ومراعاة مصلحة الوطن والمواطن أن تحيد عن هذا الأساس والمبدأ القويم، ولكن بالقليل من المعرفة يتضح العديد من الفروقات الجوهرية بين الخطاب الثوري الحماسي والآخر الدبلوماسي الرصين، و لكل مجال أبجدياته الخاصة به التي تصب جميعها في نهاية المطاف في الوقوف مع الحقوق والمصلحة العليا العامة.