استنكرت العضوتان بحزب التجمع الوطني مريم الدوسري وأميمة النجار، تقارب رئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر محامي حقوق الإنسان، مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وتجاهله أوضاع حقوق الإنسان المتدهورة بالمملكة.
Our piece(me & @OmaimaAlnajjar ) in @declassifiedUK on Starmer’s silence regarding Saudi Arabia’s human rights abuses speaks volumes. As exiled activists,we were stunned to see a former human rights lawyer cosying up to Mohammed bin Salman. https://t.co/opDzbsyVYm— Maryam Aldossari (@maryam_dh) January 8, 2025
الدوسري بصفتها محاضرة أولى في إدارة الموارد البشرية والدراسات التنظيمية في جامعة لندن، رويال هولواي، وبحثها يدرس حالة اللامساواة بين الجنسين في الشرق الأوسط، والنجار بصفتها كاتبة وناشطة سعودية، قالتا، إن زيارة ستارمر الأخيرة للسعودية كشفت الإفلاس الأخلاقي للسياسة الخارجية لبريطانيا.
وانتقدتا في مقال كتبتاه في منظمة الصحافة الاستقصائية والإعلامية البريطانية " Declassified UK"، ونشر في 8 يناير/كانون الثاني 2025، أن السياسة الخارجية في بريطانيا ترحب وتحتوي الطغاة في نفس الحين الذي تقفل أبوابها تجاه أولئك الفارّين من بطشهم.
وِأشارت العضوتان بحزب التجمع، إلى أن زيارة ستارمر إلى السعودية رُوّجَ لها على أنها زيارة لتدعيم التجارة وأنظمة الحماية بين البلدين، وأغفلت أيّ ذكر لانتهاكات بن سلمان الفظيعة لحقوق الانسان، مؤكدتان أن الزيارة أوحت بمشاركة الحكومة البريطانية في هذه الانتهاكات عبر تقديمها لصفقات السلاح والروابط الاقتصادية على موقف المحاسبة.
وقالتا: "مع تزايد خطاب العداء للمهاجرين ، وخصوصاً من حزب الإصلاح البريطاني والذي يقوده نايجل فاراج، أظهر حزب العمال وهو الحزب الحاكم تماهياً مع هذه الصيحات؛ الأمر الذي زاد الفجوة بين هذا الحزب وبين المهاجرين السعوديين".
ولفتت الدوسري والنجار، إلى أنه مؤخراً، تضاعف ميل الحكومات الغربية وسعيها لكسب رضا الأنظمة المستبدة، مشيرتان إلى أن حتى حقّ اللجوء السياسي بات معقداً وغير مضمون - ويظهر أن بريطانيا ليست ببعيدة عن هذا السعي نحو هذا المنحدر.
وذكروا بأن بريطانيا قدمت لسنين طويلة دعماً غير مشروط لحرب السعودية على اليمن، وتغافلت عن ملاحقة السلطة السعودية للناشطين في الأراضي البريطانية.
وأضافت الكاتبتان: "في سبتمبر الفائت، تسربت تقارير تفيد بأن أعضاء في حزب العمال مثل ديفيد لامي قد استلموا تبرعات سياسية من شخصيات قريبة من السعودية، مما يوضح عمق الارتباط بين السياسة البريطانية والمصالح السعودية".
ورأوا أن صمت ستارمر يعكس نمطاً يعرفه الناشطون في المنفى جيّداً، قائلين: "في شهر مايو الماضي، شاركنا ضمن مجموعةٍ من المعارضين السعوديين في مؤتمر السعي نحو الديمقراطية في السعودية في العاصمة الأميركية واشنطن دي سي، وعكس هذا التجمّع مزيجاً من المشاعر في نفوس حاضريه، مشاعر أملٍ ومشاعر يأس".
وأوضحت الكاتبتان، أن الناشطين المنفيين قسراً عن بلادهم طالبوا بأكثر من الوهم الذي تبيعه رؤية 2030، وخطّوا رؤيةً شعبيةً لدولة منتخبة من الشعب وإليهم، مؤكدتان أنه كان جمعاً مثالياً بحق، للناشطين، للنسوية والعقول المستنيرة التي لم تجمعها الجغرافيا بقدر ما جمعتها تجربةُ القمع والنفي عن الأوطان المرّة.
ولفتتا إلى أن سؤالٌ مركزيٌ كان شعار هذه المناسبة، وهو: "هل يمكن للشعب السعودي أن يختار حكومته اختياراً حقيقياً؟"، موضحتنا أن المؤتمر كان به أجواءٌ من الحماس غامرة، إلا أنّ شعوراً بالمرارة ما زال حاضراً، وقرابة الأغلبية من الحاضرين تركوا السعودية عام 2017 ، العام الذي ترقّى فيه محمد بن سلمان في سلّم القوة.
وأشارت العضوتان بحزب التجمع، إلى أن المؤتمر كان حاضرا به قصصٌ عن القمع، عن أحبّةٍ غيبتهم سجون الظلم أو أجبروا على الصمت، والسؤال المتكرر الذي يلقي بظلاله على كل الحوارات: متى كانت آخر مرةٍ شعرنا فيها بالأمان الكافي لأن نعود لوطننا؟
الإلهاء المتعمّد
وأكدتا أن منذ تولّي محمد بن سلمان منصب ولاية العهد والحكم الفعلي للسعودية، تميّز حكمه بالعدوانية تجاه المعارضة السياسية، وبملاحقة الناشطين الحقوقيين، ونقاد العمل الحكومي، وكل من يجرؤ على تحدي الوضع الراهن، مستنكرتان تركيز الإعلام الغربي رغم ذلك على الوعود المخدرة لرؤية 2030 - الرؤية الملمعة من قبل كبريات الشركات الاستشارية مثل ماكنزي.
وقالت الدوسري والنجار، إن هذه الوعود البراقة سهّلت لإبن سلمان أن يحوز على إشادة عالمية على ما يظهر بأنه إصلاح اجتماعي، بالإضافة إلى افتتاح صالات السينما، والحفلات الغنائية، والمهرجانات العالمية أصبحت ترحّب بالنساء، وأول أوبرا سعودية تملأ الأخبار.
وأضافت الكاتبتان أن هذه التغيرات تمثّل فجراً جديداً لعصر جديد - عصر من الانفتاح والازدهار وفرص غير محدودة من الاستثمار والسياحة، وتحت هذا كله، واقعٌ مضطرم، حيث لا تهدف هذه التحولات الثقافية لتحقيق إصلاحٍ حقيقي بقدر إحداث إلهاء في شريحة الشباب في البلاد عن الخطر الحقيقي المتمثل في انتهاكات حقوق الإنسان.
واستشهدتا بتأكيد المتحدثة الرسمية السابقة باسم حزب التجمع الدكتورة مضاوي الرشيد، أن تركيز بن سلمان على الترفيه ومظاهره يتوجه نحو رسم صورة زائفة عن التقدم والتحرر، في ذات الوقت الذي يحكم فيه قبضته على الخطاب السياسي.
وحذرت الكاتبتان أن هذا السراب المبني بعناية لا يهدف لتهدئة وإشغال الشباب فحسب، بل ليخدم تحسين صورة وسمعة النظام السياسي في المحافل العالمية، متسائلتان: "حتى متى تستطيع هذه اللمعة الزائفة أن تستمر، بدون إصلاح حقيقي جذري يتجاوز هذا الإصلاح السطحي؟".
الخيال مقابل الواقع
وقالتا إن خلف هذه الصورة المرسومة بعناية فائقة قبضة قاهرة لكل صوت مخالف للنظام مما أدى إلى خروج هادئ لكنه ملحوظ للعديد من السعوديين طلباً للجوء في الخارج، مشيرتان إلى أن حساسية السلطة السعودية تجاه أي مستوى من النقد تتضخم مع الوقت.
ورأت مريم وأميمة، إلى أن اغتيال الصحفي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول في 2018، لم يكن إلا مثالاً قاتماً على استعداد بن سلمان لفعل أي شيء ليضمن إسكات منتقديه، حتى خارج حدود سلطته، مؤكدتان أن أي معارضة أو نقد تُقابل بقمع مباشر من السلطة ولو كان نقداً بسيطاً وموضوعياً كالتساؤل حول جدوى أو واقعية رؤية 2030، أو حتى المطالبة بالحقوق والحريات الأساسية.
وأضافتا أن حتى المدافعين عن حقوق المرأة والذين جابهوا نظام الولاية وطالبوا بالعدالة والمساواة للمرأة السعودية، تعرضوا للاعتقال والسجن والإصمات، ووجد العديد من السعوديين، أنفسهم في سجون السلطة لأمور تعتبرها السلطة خطوطاً حمراء، كانتقاد الملكية أو نقد بعض مشاريع ولي العهد كرؤية 2030، أو إبداء رأي حول بعض السياسات المستحدثة.
وأشارت الدوسري والنجار، إلى أن حتى الشخصيات المعتبرة في المجتمع السعودي لم تسلم من هذا البطش، مذكرين بالاقتصادي البارز عصام الزامل، الذي أدى نقده الهادئ والموضوعي لمشاريع الخصخصة إلى اعتقاله وسجنه، وعدوه مثال صارخ يبيّن مدى رفض السلطة السعودية لأي خطاب يمكن أن يشكك في الخطاب الرسمي المعتمد.
وأوضحتا أن الأمر الأكثر إقلاقاً هو الارتفاع الحاد في عدد الإعدامات تحت حكم بن سلمان، حيث فاقت في الفترة بين 2010 و 2021 حالات الإعدام في السعودية 1200 حالة إعدام، وفي 2022 وحدها، أعدم النظام السعودي 147 نفس، بينهم 31 امرأة، وفي العام المنصرم 2024، تضاعف رقم المُعدمين ليصل إلى 345 إعدام بمعدل إعدام لكل يوم في هذه السنة.
وقت الارتحال
وحذرت الكاتبتان من أن المملكة إذا استمرت كبلد يُقمع ويُسحق فيه كل صوت معارض، فستستمر أرقام الهاربين من هذا القمع في التزايد، مؤكدين أن المطالبين بحقوق المرأة، والطلاب، والعلمانيون والاسلاميون على حدٍّ سواء آثروا الخروج من السعودية هرباً من القمع وبحثاً عن الأمان في أوروبا وأمريكا وكندا وأستراليا.وأوضحتا أن طبقاً لتقارير المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، فإن عدد السعوديين الذين طلبوا اللجوء في الخارج شهد ارتفاعاً كبيراً في العقد الأخير، ففي عام 2013، كان عدد اللاجئين السعوديين 575 لاجئ مع 192 ملتمس للجوء، ومع حلول عام 2023 وصل عدد اللاجئين السعوديين إلى 2100 لاجئ، بالاضافة إلى 1748 سعودي ينتظر البتّ في إجراءات اللجوء.
وأشارت الدوسري والنجار، إلى أن عدد السعوديين الذين اختاروا العيش في المنفى قد يصل في المستقبل القريب إلى 50,000، مؤكدين أن هذا الخروج لا يعكس الهرب من بلد تملؤه الحروب، بل يعكس حالة الاختناق الذي سببها الاستبداد ومحاربة الحريات الفردية.
واستدلتا بتقرير صدر مؤخراً عن منظمة القسط لحقوق الإنسان يعرض إلى الأسباب التي تدفع السعوديين إلى الهرب من السعودية في وقتٍ يُروّج له كعصر للانفتاح، وكان من الأسباب الرئيسية لهذا الخروج انعدام الحريات السياسية والدينية، والتهديد الشخصي لحياة الناشطين والناشطات، بالإضافة إلى أسباب تتعلق بالحريات الجنسية.
مقال جديد بقلم @maryam_dh و@OmaimaAlnajjar يسلط الضوء على صمت كير ستارمر بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في #السعودية، على الرغم من استمرار القمع وزيادة الإعدامات.
يتضمن المقال إشارات إلى القسط وتقاريرها الأخيرة حول المغتربين السعوديين.
رابط المقال:https://t.co/FQDJzhbu7n— القسط لحقوق الإنسان (@ALQST_ORG) January 8, 2025
ورأت العضوتان بحزب التجمع، أن ما يثير القلق أن نسبة 25% من المستجيبين لهذا التقرير أفادوا بوجود عنف أسري، الأمر الذي يبيّن فشل النظام السعودي في حماية مواطنيه وتحقيق الأمان لهم، لافتين إلى أن حتى في المنفى، أشار الكثيرون إلى إيذاء السلطة السعودية لهم ومضايقتهم إلكترونياً.
وأوضحتا أن هناك خوف حقيقي من الرجوع إلى البلاد، وغالبية السعوديين في المنفى صرّحوا بعدم الثقة في السلطة حتى لو أبدت تطمينات لهم، مؤكدتان أن تخوفاتهم واقعية ومفهومة، ففي عام 2022, تم اعتقال طالبة الدكتوراه في بريطانيا، سلمى الشهاب، إثر وصولها للمطار في زيارة لعائلتها، وحكم عليها بالسجن 34 سنة فقط لكتابتها تغريدات حول حقوق الإنسان.
إصلاحٌ حقيقي
وقالت الكاتبتان إن مع استمرار خروج الناشطين السعوديين فراراً من بطش السلطة، بدؤوا بتطوير طرق مقاومة خارج حدود قبضة السلطة، وفي الوقت الذي تمثل وسائل التواصل الاجتماعي الطريقة الأكثر فعالية للناشطين، تجاوزت طرق نشاطهم وتأثيرهم الحملات الافتراضية .
وأضافتا أن الناشطين في الخارج يبنون تحالفات قوية مع شتى مؤسسات حقوق الإنسان الدولية حول العالم، ويشاركون في تفعيل القانون الدولي، بالإضافة إلى استخدام العمل الدبلوماسي على الصعيد الدولي للتشهير بالانتهاكات التي يمارسها النظام السعودي.
وأوضحت الكاتبتان أن جهود الناشطين تهدف لإعادة رسم التصور الدولي للنظام السعودي ودفع الحكومات لإعادة النظر في تحالفها مع النظام السعودي وذلك من خلال المطالبة بسنّ سياسات محاسبة لانتهاكات النظام على الصعيدين القانوني والدبلوماسي.
وأكدتا أن الناشطين السعوديين لا يتوقفون عند فضح جرائم النظام، بل ويتجاوزونه لفضح الحكومات الغربية المتواطئة بالصمت عن هذه الجرائم، مشيرتان إلى أن رئيس الوزراء البريطاني، ستارمر، من ضمنهم بالرغم من تاريخه كمحام لحقوق الإنسان، حيث يقوم ناشطون آخرون بالعمل وتنظيم الجهود من خلال منظمات تدفع لإصلاح مستدام.
ولفتت عضوتان حزب التجمع، إلى أن منظمات مثل القسط لحقوق الإنسان أصبحت جزءً رئيسياً في التوثيق لانتهاكات حقوق الإنسان والاستعانة بالمنصات العالمية لنشر هذه التوثيقات، مؤكدين أن هذه المنظمات تتجاوز كونها معارضة للنظام الحالي إلى كونها ممهدةً لإصلاح قانوني ومدني يمكن أن يقود مستقبل السعودية.
وقالتا إن هناك مجموعات أخرى مثل حزب التجمع الوطني (ناس) الذي يحوي تحت سقفه اتحاداً من أصواتٍ سعودية ليبرالية وتقدمية ونسوية، اجتمعوا ليخطوا الطريق نحو وطنٍ ديمقراطيٍ للجميع، وعملهم يعرض لخطاب مغاير للخطاب الحكومي الرسمي ويقدم لنظام حكم وحياةٍ مدنية تليق بالسعوديين.
ترجمة :أحمد حكمي